كمن يوهم أنّه لا يعلم بالحقيقة أن الفعل كائن، وإذا قلت: «أأنت تفعل؟»، كان المعنى على أنك تريد أن تقرّره بأنه الفاعل، وكان أمر الفعل في وجوده ظاهرا، وبحيث لا يحتاج إلى الإقرار بأنه كائن، وإن أردت ب «تفعل» المستقبل، كان المعنى إذا بدأت بالفعل على أنك تعمد بالإنكار إلى الفعل نفسه، وتزعم أنه لا يكون، أو أنه لا ينبغي أن يكون، فمثال الأول: [من الطويل]

أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال (?)؟

فهذا تكذيب منه لإنسان تهدّده بالقتل، وإنكار أن يقدر على ذلك ويستطيعه.

ومثله أن يطمع طامع في أمر لا يكون مثله، فتجهّله في طمعه فتقول: «أيرضى عنك فلان وأنت مقيم على ما يكره؟ أتجد عنده ما تحبّ وقد فعلت وصنعت؟»، وعلى ذلك قوله تعالى: أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ [هود: 28].

ومثال الثاني، قولك لرجل يركب الخطر: «أتخرج في هذا الوقت؟ أتذهب في غير الطريق؟ أتغرّر بنفسك؟»، وقولك للرجل يضيع الحقّ: «أتنسى قديم إحسان فلان؟ أتترك صحبته وتتغير عن حالك معه لأن تغيّر الزمان؟» كما قال: [من الطويل]

أأترك أن قلّت دراهم خالد ... زيارته؟ إنّي إذا للئيم (?)

وجملة الأمر أنّك تنحو بالإنكار نحو الفعل، فإن بدأت بالاسم فقلت: «أأنت تفعل؟» أو قلت: «أهو يفعل؟»، كنت وجهت الإنكار إلى نفس المذكور، وأبيت أن تكون بموضع أن يجيء منه الفعل وممّن يجيء منه، وأن يكون بتلك المثابة.

تفسير ذلك: أنك إذا قلت: «أأنت تمنعني؟»، «أأنت تأخذ على يدي؟»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015