فقلت له لمّا تمطّى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل (?)
والعجب من أنّهم لم ينظروا فيعلموا أنه لو كان منشد الشّعر «محتذيا»، لكان يكون قائل شعر، كما أن الذي يحذو النّعل بالنعل يكون قاطع نعل.
وهذا تقرير يصلح لأن يحفظ للمناظرة ينبغي أن يقال لمن يزعم أن المنشد إذا أنشد شعر امرئ القيس، كان قد أتى بمثله على سبيل «الاحتذاء»: أخبرنا عنك؟ لماذا زعمت أنّ المنشد قد أتى بمثل ما قاله امرؤ القيس؟ ألأنه نطق بأنفس الألفاظ التي نطق بها، أم لأنه راعى «النّسق» الذي راعاه في النّطق بها؟.
فإن قلت: «إنّ ذلك لأنه نطق بأنفس الألفاظ التي نطق بها»، أحلت، لأنه إنما يصحّ أن يقال في الثاني أنه أتى بمثل ما أتى بمثل ما أتى به الأوّل، إذا كان الأوّل قد سبق إلى
شيء فأحدثه ابتداء، وذلك في الألفاظ محال، إذ ليس يمكن أن يقال: إنه لم ينطق بهذه الألفاظ التي هي في قوله:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل (?) قبل امرئ القيس أحد.
وإن قلت: إنّ ذلك لأنه قد راعى في نطقه بهذه الألفاظ «النّسق» الذي راعاه امرؤ القيس.
قيل: إن كنت لهذا قضيت في المنشد أنّه قد أتى بمثل شعره، فأخبرنا عنك؟
إذا قلت: «إن التّحدي وقع في القرآن إلى أن يؤتى بمثله على جهة الابتداء»، ما تعني به؟ أتعني أنه يأتي في ألفاظ غير ألفاظ القرآن، بمثل الترتيب والنسق الذي تراه في ألفاظ القرآن؟
فإن قال: ذلك أعني.
قيل له: أعلمت أنّه لا يكون الإتيان بالأشياء بعضها في أثر بعض على التوالي