أأن أرعشت كفّا أبيك وأصبحت ... يداك يدي ليث فإنّك غالبه (?)
وجدته قد بدا لك في صورة آنق وأحسن ثم نظرت إلى قول أرطاة بن سهيّة:
[من البسيط]
إن تلقني لا ترى غيري بناظرة ... تنس السّلاح وتعرف جبهة الأسد (?)
وجدته قد فضل الجميع، ورأيته قد أخرج في صورة غير تلك الصّور كلّها.
واعلم أن من الباطل والمحال ما يعلم الإنسان بطلانه واستحالته بالرجوع إلى النفس حتى لا يشكّ. ثم إنّه إذا أراد بيان ما يجد في نفسه والدّلالة عليه، رأى المسلك إليه يغمض ويدقّ. وهذه الشبهة أعني قولهم: «إنه لو كان يجوز أن يكون الأمر على خلاف ما قالوه من أنّ الفصاحة وصف للّفظ من حيث هو لفظ، لكان ينبغي أن لا يكون للبيت من الشّعر فضل على تفسير المفسّر»، إلى آخره من ذاك.
وقد علقت لذلك بالنّفوس وقويت فيها، حتى إنك لا تلقي إلى أحد من المتعلقين بأمر «اللفظ» كلمة مما نحن فيه، إلا كان هذا أوّل كلامه، وإلّا عجّب وقال: «إنّ التفسير بيان للمفسّر، فلا يجوز أن يبقى من معنى المفسّر شيء لا يؤدّيه التفسير ولا يأتي عليه، لأن في تجويز ذلك القول بالمحال، وهو أن لا يزال يبقى من معنى المفسّر شيء لا يكون إلى العلم به سبيل. وإذا كان الأمر كذلك، ثبت أن الصحيح ما قلناه، من أنه لا يجوز أن يكون للّفظ المفسّر فضل من حيث المعنى على لفظ التفسير. وإذ لم يجز أن يكون الفضل من حيث المعنى، لم يبق إلا أن يكون من حيث اللفظ نفسه».
فهذا جملة ما يمكنهم أن يقولوه في نصرة هذه الشبهة، قد استقصيته لك.
وإذ قد عرفته فاسمع الجواب، وإلى الله تعالى الرّغبة في التوفيق للصواب.