النصب نحو: «اضرب زيدا»، ووضعوا الجملة، من المبتدأ والخبر موضع الفعل والفاعل في نحو قوله تعالى: أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ [الأعراف: 193]، لأن الأصل في المعادلة أن تكون الثانية كالأولى نحو: «أدعوتموهم أم صمتّم».
ويدل على أن ليس مجيء الجملة من المبتدأ والخبر حالا بغير «الواو» أصلا، قلّته (?)، وأنه لا يجيء إلا في الشيء بعد الشيء.
هذا، ويجوز أن يكون ما جاء من ذلك إنما جاء على إرادة «الواو»، كما جاء الماضي على إرادة «قد».
واعلم أنّ الوجه فيما كان مثل قول بشار: [من الطويل] خرجت مع البازي عليّ سواد (?) أن يؤخذ فيه بمذهب أبي الحسن الأخفش، فيرفع «سواد» بالظرف دون الابتداء، ويجري الظّرف هاهنا مجراه إذا جرت الجملة صفة على النكرة نحو:
«مررت برجل معه صقر صائدا به غدا»، وذلك أن صاحب الكتاب يوافق أبا الحسن في هذا الموضع فيرفع «صقرا» بما في «معه» من معنى الفعل، فلذلك يجوز أن يجرى الحال مجرى الصفة، فيرفع الظاهر بالظرف إذا هو جاء حالا، فيكون ارتفاع «سواد» بما في «عليّ» من معنى الفعل، لا بالابتداء.
ثم ينبغي أن يقدّر هاهنا خصوصا أنّ الظرف في تقدير اسم فاعل لا فعل، أعني أن يكون المعنى: «خرجت كائنا عليّ سواد، وباقيا عليّ سواد»، ولا يقدّر:
«يكون عليّ سواد»، و «يبقى عليّ سواد»، اللهمّ إلّا أن تقدر فيه فعلا ماضيا مع «قد» كقولك: «خرجت مع البازي قد بقي عليّ سواد»، والأوّل أظهر.
وإذا تأمّلت الكلام وجدت الظرف وقد وقع مواقع لا يستقيم فيها إلّا أن يقدّر تقدير اسم فاعل، ولذلك قال أبو بكر بن السّراج في قولنا: «زيد في الدار»، أنك مخيّر بين أن تقدر فيه فعلا فتقول: «استقر في الدار»، وبين أن تقدر اسم فاعل فتقول: «مستقر في الدار»، وإذا عاد الأمر إلى هذا، كان الحال في ترك «الواو» ظاهرة، وكان «سواد» في قوله: «خرجت مع البازي عليّ سواد»، بمنزلة «قضاء الله» في قوله: [من الطويل]