وهكذا من يتوهّم في نحو قوله: [من الطويل]

أبوك حباب سارق الضّيف برده ... وجدّي يا حجّاج فارس شمرا (?)

أنّه لا فصل بينه وبين أن يقال: «حباب أبوك، وفارس شمّر جدّي». وهو موضع غامض.

والذي يبيّن وجه الصواب، ويدلّ على وجوب الفرق بين المسألتين:

أنّك إذا تأملت الكلام وجدت ما لا يحتمل التسوية، وما تجد الفرق قائما فيه قياما لا سبيل إلى دفعه، هو الأعمّ الأكثر.

وإن أردت أن تعرف ذلك، فانظر إلى ما قدّمت لك من قولك: «اللابس الدّيباج زيد»، وأنت تشير له إلى رجل بين يديه، ثم انظر إلى قول العرب: «ليس الطيب إلّا المسك»، وقول جرير: [من الوافر] ألستم خير من ركب المطايا (?) ونحو قول المتنبي: [من الوافر] ألست ابن الألى سعدوا وسادوا (?) وأشباه ذلك ممّا لا يحصى ولا يعدّ المعنى على أن يسلم لك مع قلب طرفي الجملة، وقل: «ليس المسك إلا الطيب»، و «أليس خير من ركب المطايا إياكم؟»، «أليس ابن الألى سعدوا وسادوا إياك»؟ تعلم أن الأمر على ما عرّفتك من وجوب اختلاف المعنى بحسب التقديم والتأخير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015