إذا شئت غنّتني بأجزاع بيشة ... أو الزّرق من تثليث أو بيلملما
مطوّقة ورقاء تسجع كلّما ... دنا الصّيف وانجاب الرّبيع فأنجما (?)
وقول البحتريّ: [من الطويل]
إذا شاء غادى صرمة، أو غدا على ... عقائل سرب، أو تقنّص ربربا (?)
وقوله: [من الكامل]
لو شئت عدت بلاد نجد عودة، ... فحللت بين عقيقه وزروده (?)
معلوم أنك لو قلت: «وإن شئت أن لا ترقل لم ترقل»، أو قلت: «إذا شئت أن تغنّيني بأجزاع بيشة غنّتني»، و «إذا شاء أن يغادي صرمة غادى»، و «لو شئت أن تعود بلاد نجد
عودة عدتها» أذهبت الماء والرّونق، وخرجت إلى كلام غثّ، ولفظ رثّ.
- وأمّا قول الجوهريّ: [من الطويل]
فلم يبق منّي الشّوق غير تفكّري، ... فلو شئت أن أبكي بكيت تفكّرا (?)
فقد نحا به نحو قوله: «ولو شئت أن أبكي دما لبكيته»، فأظهر مفعول «شئت»، ولم يقل: «فلو شئت بكيت تفكرا»، لأجل أن له غرضا لا يتمّ إلّا بذكر المفعول. وذلك أنه لم يرد أن يقول: «ولو شئت أن أبكى تفكّرا بكيت كذلك»، ولكنه أراد أن يقول: قد أفناني النحول، فلم يبق منّي وفيّ غير خواطر تجول، حتى لو شئت بكاء فمريت (?) شئوني، وعصر عيني ليسيل منها دمع لم أجده، ولخرج بدل الدمع التّفكّر. فالبكاء الذي أراد إيقاع المشيئة عليه مطلق مبهم غير معدّى إلى «التفكر» البتة، و «البكاء» الثاني مقيّد معدّى إلى التفكر. وإذا كان الأمر كذلك،