[القول في "النظم" وبتفسيره] 1:
تفسير "النظم" وأسراره ودقائقه:
74 - واعلم أن ههنا: أسراراً ودقائقَ، لا يُمكن بَيانُها إلاَّ بَعْد أن تقدم جملةً منَ القول في "النَّظم" وفي تفسيرهِ والمُراد منه2، وأيِّ شيءٍ هو؟ وما محصولُه ومحصولُ الفضيلةِ فيه؟ فينبغي لنا أن نأْخُذَ من ذِكْرِه، وبَيان أَمره، وبيانِ المزيَّةِ التي تُدَّعى له مِنْ أينَ تَأْتيه؟ وكيفَ تَعْرِضُ فيه؟ وما أَسبابُ ذلك وعِلَلُه؟ وما المُوجِبُ له؟.
وقد عَلمْتَ إطباقَ العُلماءِ على تعظيمِ شأنِ "النظم" وتخيم قَدْره، والتنويهِ بذكرهِ، وإجماعَهم أنْ لا فضْلَ معَ عَدَمِه، ولا قَدْر لكلامٍ إِذا هو لم يَستقمْ لَهُ، ولو بلغَ في غَرابةِ معناهُ ما بَلغَ3 وبَتَّهُمُ الحُكْمَ بأنه الذي لا تَمامَ دونَه، ولا قِوام إلاَّ بهِ، وأَنه القطُبُ الذي عليه المَدارُ، والعَمودُ الذي به الاستقلال. وما كانَ بهذا المحلَّ من الشَرَفِ، وفي هذِه المنزلةِ من الفضلِ، وموضوعاً هذا المَوْضعَ منَ المزية، وبالغاً هذا المبلغَ منَ الفضيلةِ كان حَرىّ بأن توقَظَ له الهِمَمُ، وتُوكَلَ به النفوسُ، وتُحرَّكَ له الأفكارُ، وتُستخدَمَ فيه الخواطرُ4 وكان العاقَلُ جَديراً أَن لا يَرْضى من نَفْسه بأن يَجد فيهِ سبيلاً إِلى مزيَّة عِلْم، وفَضْلِ استبانةٍ، وتلخيصٍ حُجَّةٍ5، وتحرير دليل، ثم يعرض