أرادَ أنه مُطاعٌ في الحيِّ، وأنهم يُسْرعون إِلى نُصْرته، وأنه لا يَدْعوهم لِحَرْبٍ أو نازلِ خَطْب، إِلا أَتَوْه وكَثرُوا عليه، وازْدَحموا حواليه، حتى تجدهم كالسيول تجيء من ههنا وههنا، وتنْصبُّ من هذا المسيلِ وذلك1، حتى يَغَصَّ بها الوادي ويطفَحَ منها.

69 - ومن بديعِ الاستعارةِ ونادرِها، إِلا أن جهةَ الغرابةِ فيهِ غيرُ جهتِها في هذا، قولُ يزيدَ بنِ مَسلمة بنِ عبدِ الملكِ يصفُ فَرساً له، وأَنَّه مُؤدَّبٌ، وأنه إِذا نزَلَ عنه وألقَى عِنانَه في قَرَبوس سَرْجه، وقفَ مكانَه إِلى أن يعودَ إليه:

عوَّدْتُهُ فيما أَزورُ حَبَائبي ... إهمالَه، وكذاكَ كلَّ مَخاطِر

وإِذا احْتَبى قَرَبوسُهُ بعِنانِهِ ... عَلَك الشَّكيمَ إلى انصراف الزائر2

فالغرابة ههنا في الشَّبَه نَفْسِه، وفي أَنْ اسْتَدركَ أَنَّ هيئةَ العِنان في موقعهِ من قَربوس السِّرِج، كالهيئةِ في موضعِ الثَّوب مِنْ رُكْبة المُحْتبي.

70 - وليسِت الغَرابةُ في قوله:

وسالتْ بأعناقِ المطيَّ الأباطحُ3

على هذه الجملةِ4، وذلك أنه لم يُغْرِبْ لأنْ جَعَلَ المطيَّ في سُرعةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015