مقصورةً على المعنى، فكيف كانتِ "الفصاحةُ" من صفاتِ اللفظِ البتَّةَ؟ وكيف امْتَنَع أن يَوصفَ بها المعنى فيقالُ: "معنًى فَصِيحٌ، وكلامٌ فصيحُ المعنى"؟

قيل: إنَّما اختُصَّت الفصاحةُ باللفظِ وكانت مِنْ صِفته، من حيثُ كانت عبارةً عن كونِ اللفظِ على وَصْفٍ إذا كان عليه، دلَّ على المزيّةِ التي نحنُ في حديثها، وإِذا كانت لِكَوْن اللفظ دالآ، استحالَ أنْ يُوصفَ بها المعنى، كما يَسْتحيلُ أن يوصَف المعنى بأنه "دال" مثلًا، فاعرفه.

الرد على المعتزلي القاضي عبد الجبار في مسألة "اللفظ":

55 - فإنْ قيل: فماذا دَعا القدماءَ إلى أن قَسَموا الفضيلةَ بينَ المعنى واللفظِ فقالوا: "معنى لطيفٌ، ولفظٌ شريفٌ"، وفَخَّموا شأنَ اللَّفظِ وعظَّموه حتى تَبِعَهم في ذلك مَن بَعْدَهم1، وحتى قالَ أهلُ النَّظر: "إنَّ المعاني لا تَتزايد، وإِنما تتزايدُ الألفاظُ"2، فأَطلقوا كما ترى كلاماً يُوهِمُ كلَّ مَنْ يَسمعهُ أنَّ المزيَّةَ في حاق اللفظ؟ 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015