بسم الله الرحمن الرحيم

فصل:

50 - 1 اعلم أن البلاء والداء العياء، أن ليس علم الفصاحة وتمييز بعض الكلام من بعض بالذي تستطيع أن تفهمه من شئت ومتى شئت، وأن لست تملك من أمرِكَ شيئاً حتى تظفرَ بمَنْ له طبعٌ إذا قدحْتَه وَرَى2، وقلبٌ إذا أرْيتَهُ رأى فأمَّا وصاحبُك مَنْ لا يرى ما تريه، ولا يهتدي للذي تهديه، فأنت معه كالنافخ في الحم من غير نار، وكالملتمس الشم من أخشم3, وكما لا تُقيم الشعرَ في نفسِ مَن لا ذوق له، كذلك لا يفهم هذا الباب مَنْ لم يؤْتَ الآلة التي بها يَفْهم إلاَّ أنه إنما يكونُ البلاءُ إذا ظنَّ العادم لها أنه قد أويتها، وأنه ممَّنْ يكملُ للحكْم ويصحُّ منه القضاءُ، فجعل يخبط ويخلط، ويقول القول لو علم غبه لاستحي منه4.

وأما الذي يحس بالنقص في نفسه5، ويعلم أنه قد عدم علماً قد أُوتيَهُ مِنْ سِواه، فأنتَ منه في راحة، وهو رجلٌ عاقلٌ قد حماهُ عقلُه أنْ يعدُوَ طورَهُ6، وأن يتكلَّف ما ليس بأهل له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015