دخول النقص على فصاحتهم، وتراجع الحال بهم في البيان، وأن تكون النبوة قد أوجبت أن يمنع شطرًا من بيانه، وكثيرا مما عرف له قبلها من شرف اللفظ وحسن النظم. وذلك لأنهم ذا لم يقولوا ذلك، حصل منه أنيكون عليه السلام قد تلا عليهم: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] 1، في حال هو يستطيع يها أن يجيء بمثل القرآن ويقدر عليه، ويتكلم ببعض ما يوازيه في شرف اللفظ وعلو النظم. اللهم إلا أن يقتحموا جهالة أخرى، فيزعموا أنه عليه السلام قد كان من الأصل دونهم في الفصاحة، وأن الفضل والمزية التي بها كان كلامهم قبل نزول القرآن في مثل لظفه ونظمه، قد كان لبلغاء العرب دون النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا قالوا ذلك، كانوا قد خرجوا من قبيح القول إلى مثله، فلم يشك أحد أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن منقوصًا في الفصاحة، بل الذي أتت به الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم كان أفصحَ العرب.
41 - ومما يلزمهم على أصل المقالة أنه كان ينبغي لهم2 لو أن العرب كانت منعت منزلة من الفصاحة قد كانوا عليها أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، كما قدمت، ولو عرفوا لكان يكون قد جاء عنهم ذكر ذلك، ولكانوا قد قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنا كنا نستطيع قبل هذا الذي جئتنا به، ولكنك قد سحرتنا، واحتلت