يفطن لها، أو لطريقة في النظم يخرتعها. ومعلوم أن المعول في دليل الإعجاز على النظم، ومعلوم كذلك أن ليس الدليل في المجيء ينظم لم يوجد من قبل فقط، بل في ذلك مضمومًا إلى أن يبين ذلك "النظم" من سائر ما عرف ويعرف من ضروب "النظم"، وما يعرف أهل العصر من أنفسهم أنهم يستطيعونه1، البينونة التي لا يعرض معها شك لواحد منهم أنه لا يستطيعه، ولا يهتدي لكنه أمره، حتى يكونوا في استشعار اليأس من أن يقدروا على مثله، وما يجري مجرى المثل له، على صورة واحدة، وحتى كان قلوبهم في ذلك أفرغت في قالب واحد2. وإذا كان الأمر كذلك لم يصح لهم تعلق بشأن امرئ القيس حتى يدعوا أنه سبق إلى نظم بان من كل نظم عرف لمن قبله ولمن كان معه في زمانه، البينونة التي ذكرنا أمرها.

وهم إذا فعلوا ذلك، ورطوا أنفسهم في أعظم ما يكون من الجهالةن من حيث أن يفضي بهم إلى أن أن يدعوا على من كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم من الشعراء والبلغاء قاطبة الجهل بمقادير البلاغة، والنقصان في علمها3، ولأنفسهم الزيادة عليهم، وأن يكونوا قد استدركوا في نظم امرئ القيس مزية لم تعلمها قريش والعرب قاطبة، ذلك لما مضى آنفًا من أن محالًا أن يكون معهم وبين أيديهم نظم يعرفون من حاله أنه مساو في الشرف نظم القرآن، ثم لا يذكرونه ولا يحتجون به على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يخبرهم أن الذي أتى به خارج عن طوق البشر ويتجاوز قواهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015