عنده1، وأنه مستطيع له، بل يجعل أول جوابه له ومعارضته إياه، التسرع إليه والسفه عليه، واٌدام على قطع رحمه، وعلى الإفراط في أذاه؟
أم هل يجوز أن يخرج خارج من الناس على قوم لهم رياسة، ولهم دين ونحلة، فيولب عليهم الناس، ويدبر في إخراجهم من ديارهم وأموالهم، وفي قتل صناديدهم وكبارهم، وسبى ذرايهم وأولادهم، وعمدته التي يجد بها السبيل إلى تالف من يتألفه2، ودعاء من يدعوه، دعوى له، إذا هي أبطلت بطل أمره كله، وانتقض عليه تدبيره ثم لا يعرض له في تلك الدعوى، ولا يشتغل بإبطالها، مع إمكان ذلك، ومع أنه ليس بمتعذر ولا ممتنع؟
وهل مثل هذا إلا مثل رجل عرض له خصم من حيث لم يحتسبه، فادعى عليه دعوى إن هي سمعت كان منها على خطر في ماله ونفسه، فأحضر بينة على دعواه تلك، وعند هذا المدعي عليه ما يبطل تلك البينة أو يعارضها، وما يحول على الجملة بينه وبين تنفيذ دعواه، فيدع إظهار ذلك والاحتجاج به، ويضرب عنه جملة، ويدعه وما يريد من إحكام أمره وإتمامه، ثم يصير الحال بينهما إلى المحاربة، وإلى الإخطار بالمهج والنفوس، فيطاوله الحرب، ويقتل فيها أولاده وأعزته، وتنهج عشيرته، وتعنم أمواله، ولا يقع له في أثناء تلك الحال أن يرجع إلى القاضي الذي قضى لخصمه بديًا3، ولا إلى القوم الذين سمعوا منه وتصوروه بصورة المحق فيقول: "لقد كانت عندي حين أدعي ما أدعي بينه على فساد دعوه وعلى كذب شهوده، قد تركتها تهاونًا بأمره، أو أنسيتها، أو منع مانع دون