فصل- تحقيق القول في البلاغة والفصاحة:
34 - في تحقيق القول على "البلاغة" و "الفصاحة"، و "البيان" و "البراعة"1، وكل ما شاكر ذلك، مما يُعبَّر به عن فضلِ بعضِ القائلين على بعضٍ، من حيثُ نَطقوا وتكلَّموا، وأخبروا السامعين عن الأغراض والمقاصد، وواموا أنْ يُعْلِمُوهم ما في نفوسهم؛ ويَكشفوا لهم عن ضمائر قلوبهم2.
أول قضية "اللفظ" عند المعتزلة وبيان فسادها:
35 - ومنَ المعلوم أنْ لا معنى لهذه العباراتِ وسائرِ ما يَجْري مَجراها، مما يُفرد فيه اللفظُ بالنعتِ والصفةِ، وينسبُ فيه الفضلُ والمزيةُ إليه دونَ المعنى3، غيرُ وصْفِ الكلام بِحُسْنِ الدَّلالة وتمامِها فيما له كانت دَلالةٌ، ثم تَبرُّجهِا في صورةٍ هي أبهى وأزْيَنُ وآنَقُ وأَعْجَبُ وأَحقُّ بأنْ تستوليَ على هَوى النفس4، وتنالَ الحظَّ الأوفرَ من مَيْل القلوب، وأولى بأن تُطْلِقَ لسانَ الحامدِ، وتُطِيلَ رغْمَ الحاسد ولا جهةَ لاستعمال هذه الخصالِ غيرُ أنْ تأتي المعنى من الجهة هي أصح لتأديته5، وتختار له اللفظُ الذي هو أَخصُّ به، وأَكْشَفُ عنه وأَتمُّ له، وأَحرى بأن يَكسبه نُبلاً، ويظهر فيه مزية.