وقد عَمَد النابغةُ إِلى "الأَصْل"، الذي هو علْمُ الطير بِأنَّ الممدوحَ يكونُ الغالبَ، فذَكَره صريحاً، وكَشَفَ عن وجهه، واعتمَدَ في "الفرع" الذي هو طمَعُها في لحوم القتلى، وأَنها لذلك تُحَلِّقُ فوقه على دلالةِ الفَحْوى.

وعكَسَ أبو نواس القصَّة، فذكَر "الفرْعَ"الذي هو طمَعُها في لحوم القتلى صريحاً، فقال كما ترى:

ثقة بالشِّبْعِ مِنْ جزرهُ

وعوَّلَ في "الأَصْل"، الذي هو علمُها بأنَّ الظفرَ يكونُ للمدوح، على الفحوى. ودلالةُ الفحوى على عِلْمِها أنَّ الظفر يكون للمدوح، هي في أَنْ قال: "من جَزَرِه"، وهي لا تثق بأن شبعها يكون في جَزَر الممدوح، حتى تعلمَ أَنَّ الظَّفر يكونُ له.

أفيكونُ شيءٌ أظهرَ من هذا في النقلِ عن صورةٍ إِلى صورة؟

574 - أرجِعُ إِلى النَّسق ومن ذلك قول أبي العتاهية:

شِيمٌ فَتَّحَتْ من المدْحِ ما قَدْ ... كانَ مُسْتَغلَقاً على المُدَّاحِ1

مع قولِ أبي تمام:

نظمتْ له خرَز المديحِ مَواهِبٌ ... يَنْفُثْنَ في عقد اللسان المفحم

وقول أبي وجزة:

أتاكَ المَجْدُ منْ هَنَّا وهَنَّا ... وكنتَ له بمجتمع السيول2

طور بواسطة نورين ميديا © 2015