ومَنْ أفْضَتْ به الحالُ إِلى أمثالِ هذه الشناعاتِ، ثم لم يَرْتدِعْ، ولم يتبيَّنْ أنه على خَطأٍ، فليس إِلاّ ترْكُهُ والإعراضُ عنه.
495 - ولولا أنا نحنب أن ينبس أحد في معنى السؤال والاعتراض بحروف إلاَّ أَريناه الذي استَهْواه، لكان تَرْكُ التشاغلُ بإيرادِ هذا وشبَههِ أَوْلى.
ذاك لأنَّا قد علِمْنا علْمَ ضرورةٍ أنَّا لو بَقينا الدهرَ الأطول تصعد ونُصوِّبُ1، ونبحثُ وننقّب، نبْتغي كلمةً قد اتصلتْ بصاحبةٍ لها، ولفظةٍ قد انتظمت مع أختها، من غير أن توخي فيما بينهما معنىً من معاني النحو2، طَلبْنا ممتنعًا، وثنينا مطايا الفكر ظلمًا. فإن كان ههنا مَنْ يَشُكُّ في ذلك، ويزعُم أنه قد علِمَ لاتصالِ الكَلِم بعضِها ببعض، وانتظامِ الألفاظِ بعضِها مع بعضٍ، معانيَ غيرَ معاني النحو، فإنا نقول له: هاتِ، فبَيِّنْ لنا تلكَ المعاني، وأَرِنا مكانَها، واهْدِنا لَها، فلعلَّكَ قد أُوتيتَ عِلْماً قد حُجِبَ عنَّا، وفُتِحَ لك بابٌ قد أُغلقَ دوننا:
وذاكَ لَهُ إِذا العنقاءُ صارتْ ... مُرَبَّبَةً وَشَبَّ ابن الخصى3