وتعجُّبهم منه، وعلى أَنه قد بَهَرَهُم، وعظُمَ كل العظم عندهم؛ بل كان ينبغي أن يكون الإكبار منهم والتعجب للذي دخل من العجز عليهم1، ورأوه مِن تَغيُّرِ حالِهم، ومِنْ أَن حِيلَ بينَهم وبينَ شيءٍ قد كانَ عليهِمْ سَهْلاً، وأنْ سُدَّ دونَه بابٌ كانَ لهُم مفتوحا، أرأيتَ لو أنَّ نبياً قال لقومِهِ: "إنَّ آيتي أنْ أَضعَ يدي على رأسي هذه الساعةَ، وتُمْنَعون كلُّكُم من أَن تستطيعوا وَضْعَ أَيديكُمْ على رؤسكم"، وكان الأمرُ كما قال، مِمَّ يكونُ تعجُّبُ القومِ، أَمِنْ وضعِه يدَه على رأسهِ، أمْ من غجزهم أن يضعوا أيديهم على رؤسهم؟
"النظم" و"الاستعارة" هما موضع الإعجاز:
463 - ونعودُ إلى النَّسَق فنقولُ: فإِذا بطَلَ أن يكونَ الوصْفُ الذي أعجزَهم من القرآنِ في شيءٍ ممَّا عدَدَناه، لم يَبْقَ إلاَّ أن يكون في "النظم"؛ لأنه ليس مِنْ بَعْدِ ما أَبطَلْنا أن يكون فيه إلا "النظم" و"الاستعارة". ولا يمكنُ أنْ تُجْعَلَ "الاستعارةُ" الأَصْلَ في الإعجاز وأن يُقْصَرَ عليها؛ لأنَّ ذلك يؤدي إلى أَن يكونَ الإِعجازُ في آيٍ معدودةٍ في مواضعَ مِن السورِ الطوالِ مخصوصةٍ، وإذا امتنع ذلك فيها، ثبت أن "النظم" مكانه الذي ينبغي أن يكون فهي. وإذا ثبت أنه في "النظم"، و"التأليف"2، وكنَّا قد عَلِمْنا أنْ ليسَ "النظمُ" شيئاً غير