مَجْرى أنّ يقولوا: "ولا تقولوا آلهتُنا إلهَانِ". وذلك فاسدٌ، فاعرفْه وأَحْسِنْ تأمُّلَهُ.
455 - ثم إنَّ ههنا طريقاً آخَرَ، وهو أَنْ تُقَدِّر: "ولا تقولوا الله والمسيح وأمه ثلاثة"، أي نبعدهما كما نَعبدُ اللهَ.
يُبيِّنُ ذلك قولُه تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة: 73]، وقد استقرَّ في العُرْفِ أنَّهم إذا أرادوا إلحاقَ اثنينِ بواحدٍ في وصفٍ منَ الأوصافِ، وأن يجعلوها شَبيهَيْن له، قالوا: "هُمْ ثلاثةٌ"، كما يقولونَ إذا أرادوا إلحاقَ واحدٍ بآخرَ وجَعْلَه في معناه، "هما اثنانِ"، وعلى هذا السبيل كأنَّهم يقولون: "هُم يُعَدُّونَ معَداً واحداً" ويُوجِبُ لهم التساويَ والتشارُكَ في الصفةِ والرتبةِ، وما شاكَل ذلكَ.
456 - واعلمْ أنه لا معنى لأن يقالَ: إنَّ القولَ حكايةٌ، وإنَّه إِذا كان حكايةً لم يلزَمْ منه إثباتُ الآلهةِ، لأنه يَجْري مَجْرى أنْ تقولَ: "إنَّ مِنْ دين الكفَّارِ أنْ يقولوا: الآلهةُ ثلاثةٌ"1، وذلك لأنَّ الخطابَ في الاية للنصارى أنسهم. ألا ترى إلى قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى