إلاَّ بتقديرِ غَير ما يُريه الظاهرُ، ثم لا يكونُ له سبيلٌ إلى معرفةِ ذلك التقديرِ إذا كان جاهلاً بهذا العلم، فيتسكَّع عند ذلك في العَمَى، ويقع في الضَّلال.

مثال في تفسير قوله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}

449 - مثالُ ذلك أنَّ مَنْ نظَر إلى قوله تعالى {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإِسراء: 110] ثم لم يَعْلمْ أنْ ليسَ المعنى في "ادعوا" الدعاءَ، ولكنِ الذكْرَ بالاسمِ، كقولك: "هو يدعي زيدًا" و "يدعي الأميرَ"، وأنَّ في الكلام محذوفاً، وأنَّ التقديرَ: قُل ادعوهُ اللهَ، أو ادعوهُ الرحمنَ، أيَّاً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى1 كان بغرض أنْ يقعَ في الشركِ، من حيثُ إنه إنْ جرى في خاطره أنَّ الكلامَ على ظاهره، خرج ذلك به، والعياد باللهِ تعالى، إلى إثبات مَدْعُوَّيْنَ، تعالى اللهُ عن أنْ يكونَ له شريكٌ. وذلك مِن حيثُ كان مُحالاً أن تَعْمِدَ إلى اسمَيْن كلاهما اسمُ شيءٍ واحدٍ، فتعطِفَ أحدَهما على الآخَر، فتقولَ مثلاً: "اُدْعُ لي زيداً أو الأمير"، و "الأمير" هو زيد. وكذلك محال أن تقول: "أياما ندعوا" وليس هناك إلاَّ مَدْعوٌّ واحدٌ، لأن مِنْ شأن "أي" أنْ تكونَ أبداً واحداً من اثنين أو جماعةٍ، ومِن ثَمَّ لم يكن له بدٌّ من الإضافةِ، إما لفظاً وإما تقديرًا.

مثال في قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ} بغيرِ تنوينٍ "عزير"

450 - وهذا بابٌ واسعٌ2. ومِن المُشْكِلِ فيه قراءةُ مَن قرأ3: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]، بغيرِ تنوينٍ. وذلك أنَّهم قد حَملوها على وجهين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015