وإِنما يَنتظرُ الخَبَر. فإِذا قلتَ: "حليماً"، فقد أعلمتَه مثلَ ما علِمْتَ. وإِذا قلتَ: "كان حليماً"، فإِنما يَنتظِرُ أنْ تعرِّفَه صاحِبَ الصفة"1.
وذاكَ أنه إِذا كان معْلوماً أنه لا يكون متبدأ من غيرِ خبرٍ، ولا خَبرٌ مِن غيرِ مبتدإٍ، كانَ معلوماً أنك إِذا قلتَ: "كان زيدٌ" فالمخاطَبُ يَنتظِرُ الخبرَ، وإِذا قلتَ: "كان حليماً"، أنه يَنتظِرُ الاسْمَ، فلم يقع إذن بعْد "إِنما" إلاَّ شيءٌ كانَ معلوماً للسَّامِعِ مِن قَبْل أنْ ينتهيَ إِليه.
419 - وممَّا الأمرُ فيه بيِّنٌ، قولُه في باب "ظننْتُ"2:
"وإِنما تَحْكي بعْد "قلتُ" ما كان كلاماً لا قولا"3.
وذلك أنَّه معلومٌ أنكَ لا تحكي بعد "قلتُ"، إِذا كنتَ تَنْحوِ نحْوَ المعنى، إلاَّ ما كَانَ جملةً مُفيدةً، فلا تقولُ: "قال فلانٌ زيدٌ" وتَسْكتُ، أَللهمَّ إلاَّ أنْ تُريدَ أَنَّه نطَقَ بالاسمِ على هذهِ الهيئةِ، كأنَّكَ تُريد أَنه ذكَرَهُ مرفوعاً.
ومثلُ ذلك قولُهم: "إِنّما يحذَفُ الشيءُ إِذا كانَ في الكلامِ دليلٌ عليه"، إِلى أشباه ذلك مما لا يُحصى، فإِنْ رأيتَها قد دخلتْ على كلامٍ هو ابتداءُ إعلامٍ بشيءٍ لم يَعلَمْهُ السامعُ، فلأَن الدليلَ عليه حاضِرٌ معه، والشيءَ بحيث