ولا خيرَ في حِلْم، إذا لم تَكنْ لَهُ ... بَوادِرُ تَحْمي صفْوَه أنْ يُكَدَّرا

ولا خيرَ في جَهلٍ، إذا لمْ يَكنْ لَهُ ... حَليمٌ إذا ما أَوْردَ الأمرَ أَصْدَرا

فقال صلى الله عليه وسلم: "أَجَدْتَ، لا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ". قال الراوي: فنظَرتُ إليه، فكأَنَّ فاهُ الْبَرَدُ المُنْهَلُّ، ما سَقطتْ له سِنٌّ ولا انفلَّت، تَرِفُّ غَروبُه1.

ومِنْ ذلك حديثُ كعبِ بنِ زهيرٍ رُويَ أنَّ كعباً وأخاه بحيرًا خرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلَغَا أَبْرَقَ العزَّاف، فقال كعب لبجير: الق هذا الرجل وأنا مقيم ههنا، فانظرْ ما يقولُ. وقَدم بُجَيرٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرَضَ عليه الإسلامَ فأَسْلمَ، وبلغَ ذلك كَعْباً، فقالَ في ذلك شعراً، فأهْدَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم دَمه، فكتبَ إليه بُجير يأمرُه أن يُسْلمِ ويُقْبلَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولُ: إنَّ مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إله إلاَّ اللهُ وأَنَّ محمداً رسولُ الله، قَبِلَ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسقطَ ما كانَ قبلَ ذلك، قال: فقَدِمَ كعبٌ وأنشد النبيَّ صلى الله عليه وسلم قصيدته المعروفة:

بانتْ سُعادُ فَقلبي اليومَ مَتْبولُ ... مُتَيَّمٌ إثْرَها، لمْ يُفْدَ، مغلولُ

وما سُعادُ غَداةَ البَيْنِ إذا رحَلَتْ ... إلاَّ أغَنُّ غَضيضُ الطَّرْفِ مَكْحولُ

تَجْلُو عوارضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسمَتْ ... كأنَّه مُنْهلٌ بالراح معلول2

طور بواسطة نورين ميديا © 2015