باب اللفظ والنظم: فصل في المجاز الحكمي

فصل: هذا فَنٌّ من المجازِ لم نذكره فيما تقدم

بين في المجاز الحكمي، وأمثلته وهو كنز من كنوز البلاغة:

347 - إِعلم أنَّ طريقَ المجازِ والاتِّساعِ في الذي ذكَرْناه قبلُ1، أنَّكَ ذكرتَ الكلمةَ وأنتَ لا تُريد معناها، ولكنْ تُريد معنىً ما هو رِدْفٌ له أو شبيهٌ، فتجوَّزْتَ بذلك في ذات الكلمة وفي اللفظ نفسه. وإذا قد عرفْتَ ذلكَ فاعلمْ أنَّ في الكلامِ مجازاً على غيرِ هذا السبيلِ، وهو أن يكونَ التجوُّزُ في حُكْم يَجْري على الكلمة فقط، وتكونَ الكلمةُ متروكةً على ظاهرِها، ويكونُ معناها مقصوداً في نفسهِ ومُراداً مِنْ غَير توريةٍ ولا تعريض.

348 - والمثالُ فيه قولُهم "نهارُك صائم وليلك قائم" و "نام ليلي وتجلَّى همي"، 2 وقولُه تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البقرة: 16]، وقول الفرزدق:

سَقَتْهَا خُروقٌ في المَسامِع، لَمْ تَكُنْ ... عِلاطاً، ولا مخبوطة في الملاغم3

طور بواسطة نورين ميديا © 2015