أبْيَنَ إِشارةٍ، حتى يخيَّلَ إِليكَ أنَّك فهِمْتَه من حاقِّ اللفظِ، وذلك لقِلَّة الكُلفة فِيه عليكَ، وسرعةِ وصولهِ إِليكَ، فكانَ من "الكنايةِ" مثل قوله:
لا أُمتِعُ العُوذَ بالفِصَالِ، ولا ... أبتاعُ إِلاَّ قريبة الأجل1
ومن "الاستعارة" مثل قوله:
وصَدْرٍ أراحَ الليلُ عازِبَ هَمِّهِ ... تضاعَفَ فيه الحُزْنُ مِنْ كُلِّ جانِبِ2
ومن "التمثيلِ" مثلَ قوله:
لا أَذُودُ الطيرَ عَنْ شَجَرٍ ... قد بلَوْتُ المُرَّ مِنْ ثَمَرِهْ3
312 - وإِنْ أردتَ أنْ تعرِفَ ما حالُه بالضِّدِّ من هذا4، فكانَ منقوصَ القوَّة في تأديةِ ما أريدَ منه، لأَنَّهُ يعترِضُه ما يَمنعه أن يَقْضيَ حقَّ السِّفارةِ فيما بينكَ وبينَ معناكَ، ويُوضحَ تمامَ الإيضاحِ عن مَغْزاك، فانظرْ إِلى قولِ العباسِ بنِ الأحنف:
سأَطلبُ بُعْد الدارِ عنكُمْ لِتَقْربوا ... وتَسْكُبُ عينايَ الدموع لتجمدا5