وكذلك تعلم من قولهِ: "بَلَغَني أنك تُقَدِّمُ رجلاً وتؤخر أَخرى"، أنَّه أراد التردُّدَ في أمرِ البَيْعة واختلافِ العَزْم في الفعلِ وتَرْكِه، على ما مضى الشرح فيه1.

بيان في شرح قوله: "المعنى"، و"معنى المعنى" وهو فصل جيد:

305 - وإذ قد عرفت هذه الجملة، فههنا عبارة مختصرة وهي أن تقول: "المعنى"، و "معنى المعنى"، تعني بالمعنى المفهومَ من ظاهرِ اللفظِ والذي تَصِلُ إليه بغير واسطة و"بمعنى المعنى"، أن تَعْقِل من اللفظِ معنًى، ثم يُفضي بكَ ذلكَ المعنى إِلى معنى آخرَ، كالذي فسَّرْتُ لك.

306 - وإذْ قد عرفتَ ذلك، فإِذا رأيتَهم يجعلونَ الألفاظَ زينةً للمعاني وحِلْيةً عليها أو يجعلونَ المعاني كالجواري، والألفاظَ كالمعارضِ لها2، وكالوشْيِ المحبَّر واللباس الفاخرِ والكُسْوة الرائقة، إِلى أشباهِ ذلك مما يُفخِّمون به أمرَ اللفظِ، ويجعلونَ المعنى يُنبل به ويشرُفُ3 فاعلمْ أنهم يضعون كلامًا قد أعطاكَ المتكلمُ أغراضَه فيهِ مِنْ طريقِ معنى المعنى4، فكنَّى وعرَّضَ، ومثَّل واستعارَ، ثم أحْسَنَ في ذلك كلِّه وأصابَ، ووضعَ كلَّ شيءٍ منه في موضعِهِ، وأصابَ به شاكلتَه، وعمَد فيما كنَّى به وشبَّهَ ومثَّلَ، لما حسُنَ مأخذُه، ودَقَّ مسلَكُه، ولطُفَتْ إشارتُه، وأن المِعْرَضَ وما في معناه، ليس في اللَفْظَ المنطوقَ به، ولكنْ معنى اللفظِ الذي دَلَلْتَ به على المعنى الثاني، كمعنى قولِه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015