وابتغَى الشرفَ، وطلبَ محاسنَ القولِ والفعْل، مناراً مرفوعاً، وعِلْماً مَنصوباً، وهادياً مُرْشداً، ومُعلماً مسدِّداً، وتجدُ فيه للنَّائي عن طَلبِ المآثر، والزّاهِدِ في اكتسابِ المحامدِ، داعياً، ومُحرَّضاً، وباعثاً ومحضَّضاً، ومذكرًا ومعرفًا، وواعظًا ومنفقًا. فلو كنت ممن يتصف كانَ في بعضِ ذَلك ما يُغيِّرُ هذا الرأيَ منك، وما يَحْدوكَ على روايةِ الشَّعر وطَلََبه، ويَمنعُكَ أنْ تَعيبَه أو تَعيبَ به، ولكنك أَبَيْتَ إلاَّ ظناً سبَقَ إِليكَ، وإِلاّ بادي رأيٍ عنَّ لك، فأقفلْتَ عليه قلْبَكَ، وسدَدْتَ عمَّا سِواهُ سَمْعَك، فَعيَّ الناصحُ بك1، وعَسُرَ على الصديق الخليط تنبيهك.
الأحاديث في ذم الشعر، ومدحه:
نعم، وكَيف رَويْتَ: "لأَنْ يمتلئَ جوفُ أَحدِكم قيحاً، فيَرِيَهُ، خيرٌ له من أَن يمتلئ شِعْراً" 2، ولهجتَ به، وترِكتَ قولَه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِن الشعر لَحِكْمةً، وإنَّ مِن البيانِ لَسِحْرا"؟ 3 وكيف نَسِيتَ أَمرَه صلى الله عليه وسلم بقول الشعر، ووعده