وممَّا له مأخذٌ لطيفٌ في هذا البابِ قول أبي تمام:
لَهانَ عَلَيْنا أنْ نقولَ وتَفْعلا ... ونَذْكُرَ بَعْضَ الفضل منك وتفضلا1
الصفة والتأكيد لا تحتاج إلى شيء يصلها بالموصوف أو المؤكد:
255 - واعلم أنه كماكان من الأسماءِ ما يَصِلهُ معناهُ بالاسم قبلَه، فيستغني بصلة له عن واصلٍ يصلُه ورابطٍ يربِطُه وذلك كالصِّفِة التي لا تحتاجُ في اتِّصالِها بالموصوفِ إلى شيء يصلها به، وكالتأكيد الذي لا يَفتقِرُ كذلك إلى ما يِصلُه بالمؤكَّد2 كذلك يكونُ في الجملِ ما تتصلُ من ذاتِ نفسها بالتي قَبلها، وتَستغني بربطِ معناها لها عن حَرْفِ عطفٍ يربُطها، وهي كلُّ جملةٍ كانت مؤكِّدةً للتي قبلها ومبينِّةً لها، وكانت إذا حُصِّلتْ لم تكن شيئاً سِواها، كما لا تكونُ الصفةُ غيرَ الموصوفِ، والتأكيدُ غيرَ المؤكد. فإذا قلت: "جاءني زيد الظريف"، و "جاءني القوم كلهم"، لم يكن "الظريف" و "كلهم" غير زيد وغير القوم.
الجملة المؤكدة لا تحتاج إلى عاطف وأمثلة ذلك:
256 - ومثالُ ما هو من الجمل كذلك قوله تعالى: {آلم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 1، 2] قوله: "لا ريب فيه"، بيان وتوكيد وتحقيق لقوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}، وزيادةُ تَثْبيتٍ له، وبمنزلِة أنْ تقولَ: "هو ذلك الكتابُ، هو ذلك الكتابُ"، فتعيدُه مرة ثانية لتثبته، وليس يثبت الخبرِ غيرَ الخبرِ، ولا شَيءَ يتميّزُ به عنه فيحتاجُ إلى ضامٍّ يَضُمُّه إليه، وعاطفٍ يعطفه عليه.