مثال آخر، من خطبة قيس بن خارجة بن سنان:

174 - ويُبيِّن هذا، كلامٌ ذكَرَه أبو عثمانَ الجاحظُ في كتاب البيان والتبيين1، وأنا أكتبُ لك الفصل حتى تستبين الذي هو المُرادُ، قال: "والسنَّةُ في خُطبِة النِّكاحِ أنْ يُطيلَ الخاطِبُ ويُقصِّرَ المجِيبُ، ألا ترى أن قيس بن خارجة [بن سنان] لمَّا ضرَبَ بسيفِه مُؤخَّرةَ راحلةِ الحاملَين في شأن حمالة داحس [والغبراء] 2 وقال: مالي فيها أيُّها العَشَمتَانِ؟ 3 قالا: بل ما عندَك؟ قال: عندي قِرى كلِّ نازلٍ، ورضِى كلِّ ساخِطٍ، وخُطبةٌ مِنْ لَدُنْ تطْلُعُ الشمسُ إلى أن تَغْرُبَ، آمرُ فيها بالتَّواصُل، وأَنْهى فيها عنِ التَّقاطُع قالوا: فخطَبَ يوماً إلى اللَّيل، فما أعاد كلمةً ولا معْنى4. فقيلَ لأبي يعقوب5: هلاَّ اكْتَفى بالأمِر بالتواصلِ، عنِ النَّهْي عن التقاطع؟ أو ليس الأمرُ بالصلةِ هو النهْيُ عن القطيعة؟ قال: أو ما علمْتَ أنَّ الكنايةَ والتعريضَ لا يَعْملان في العقولِ عَمَلَ الإِيضاح والتَّكشيفِ"6.انتهى الفصْلُ الذي أَردتُ أن أَكْتبَه. فقد بصَّرك هذا أنْ لن يكونَ إيقاعُ نَفْي الوجودِ على صَريحِ لفظِ المِثل، كإيقاعهِ على ضَمِيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015