161 - ومثله قول جرير:
أمنَّيْتِ المُنى وخَلَبْتِ حتَّى ... تركْتِ ضميرَ قَلْبِي مُسْتهاما
الغرضُ أن يُثبت أنه كان منها تَمْنِيَةٌ وخَلاَبة، وأن يقول لها: أهكذا تَصْنعين؟ وهذه حيلتُك في فِتنِة الناس؟
مثال من بارع الحذف الخفي:
162 - ومِنْ بارعِ ذلك ونادِرِه، ما تجدُه في هذه الأبيات. روَى المرزُباني في "كتاب الشعر" بإسنادٍ، قال: لما تشاغَلَ أبو بكرٍ الصدِّيق رضَي الله عنه بأهل الرِّدَّةِ، استبطأتْه الأَنصارُ [فكلموه] 1، فقال: إما كلَّفْتموني أخلاقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم2، فوَاللهِ ما ذاكَ عندي ولا عِنْد أحدٍ من الناس، ولكنِّي واللهِ ما أُوتيِ مِنْ مودَّةٍ لكُمْ ولا حسْنِ رأْي فيكم3، وكيف لا نُحِبُّكم؟ فواللهِ ما وجدْتُ مثَلاً لنا ولَكُم إلا ما قال طفيلٌ الغَنَويُّ لبني جعفر بن كلاب:
جِزَى الله عَنّا جَعْفَراً حين أُزِلقَتْ ... بِنا نَعْلُنا في الواطِئين فزَلَّتِ
أَبَوْا أنْ يَمَلُّونا، ولَوْ أنَّ أُمَّنا ... تُلاقي الذي لاَقوْهُ منَّا لملت
هم خلطونا بالنفوس وألجئوا ... إلى حجرات أدفأت وأظلت4