العين تبدي الحب والغضا ... وتُظْهِرُ الإبرامَ والنَّقْضا

دُرَّةُ، ما أَنصفْتِنِي في الهَوَى ... ولا رَحِمْتَ الجَسَدَ المُنْضَى

غَضْبَى، ولا واللهِ يا أَهلَها ... لا أَطْعمُ البارِدَ أوْ ترضى1

يقوله في جاريةٍ كان يُحبُّها2، وسُعِيَ به إلى أهلِها فمنعوها منه.

والمقصودُ قولهُ: "غَضْبَى"، وذلك أنَّ التقديرَ "هي غضبى" أو "غضبى هي" لا محالة، أَلا تَرى أَنك تَرى النفسَ كيف تَتفادى من إظهارِ هذا المحذوفِ3، وكيف تأنَسُ إلى إضمارهِ؟ وتَرى الملاحةَ كيف تَذهبُ إن أنتَ رُمْتَ التكلم به؟

149 - ومن جيِّد الأمثلةِ في هذا الباب قولُ الآخرِ، يخاطبُ امرأتَه وقد لامَتْه على الجود:

قالَتْ سُمَيَّةُ: قَدْ غَوَيْتَ بأنْ رأَتْ ... حَقاًّ تناوب مالنا ووفود

غَيٌّ لعَمْرِكِ لا أزالُ أَعودُه ... ما دامَ مال عندنا موجود4

المعنى: "ذاك غيٌّ لا أزالُ أعودُ إليه، فدعي عنك لومي".

خلاصة في شأن ما يحذف:

150 - وإذ عرفْتَ هذه الجملةَ من حالِ الحذْفِ في المبتدأ، فاعلمْ أنَّ ذلك سبيلُه في كلِّ شيء، فما مِن اسْمٍ أو فعلٍ تَجدُه قد حُذِفَ، ثم أُصيبَ به موضعُه، وحُذِفَ في الحال يَنْبغي أن يُحذَفَ فيها5، إلاَّ وأنت تَجدُ حذْفَه هناك أَحْسَنَ من ذكرهِ، وترة إضمارَهُ في النفس أَوْلى وآنسَ مِنَ النُّطْقِ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015