الفاعل مَنْ هو؟ وكان يَصِحُّ أن يكونَ سؤالاً عن الفعلِ أكانَ أمْ لم يكُنْ؟ لكانَ ينبغي أَنْ يستقيمَ ذلك1.

105 - واعلمْ أَنَّ هذا الذي ذكرتُ لك في "الهمزة وهي للاستفهام" قائمٌ فيها إِذا هيَ كانت للتقرير. فإِذا قلتَ: "أَأَنْتَ فعلتَ ذاك؟ "، كان غرضك أن تقرره بأنه الفاعل.

الاستفهام للتقرير:

يُبَيِّنُ ذلكَ قولُه تعالى، حكايةً عن قَوْل نمروذ2: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيم} [الأنبياء: 62] لا شبْهةَ في أنَّهم لم يقولوا ذلك له عليه السلامُ وهم يُريدون أنْ يُقِرَّ لهم بأَنَّ كَسْرَ الأصنام قد كانَ، ولكنْ أن يقر بأنه منه كان، وكيف؟ 3 وقد أشاروا له إِلى الفِعل في قولهم: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا}، وقال هو عليه السلام في الجواب4: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، ولو كان التقريرُ بالفعلِ لَكانَ الجوابُ: "فَعلْتُ، أوْ: لم أَفْعَل".

فإِن قلتَ: أوَ ليسَ إِذا قال "أَفَعَلْتَ؟ " فهو يريدُ أيضاً أن يُقرِّره بأَنَّ الفعلَ كان منه5، لا بأنه كان على الجملة، فأيُّ فَرْقٍ بينَ الحالَيْنِ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015