وقد كان شافعي المذهب متكلما على طريقة الأشعري، بيد أن المادة التي غلبت عليه هي: النحو، فقد كان يلقب بالنحوي.
وتصدر بجرجان، وذاع صيته في الافاق، وشدت إليه الرحال، وقصده التلاميذ من جميع الجهات، وظل مقيماً بجرجان، يفيد الراحلين إليه، والوافدين عليه إلى أن توفى بها سنة 471 هـ.
ومع علمه الغزير، ونتاجه الوفير، فإنه لم يكن سعيداً في حياته، فقد كان فقيراً عليه في الرزق، يعيش على هبات بعض الأثرياء الذين ألف لهم كتبه (1)، كما أنه كان أشعرياً، وكان الأشاعرة يلعنون من فوق المنابر فقد كانت الأشعرية في زمانه تهمة يهمل صاحبها وينبذ من أجلها، حتى إن ياقوتا قال عن بديع الزمان الهمذاني إنه كان متهماً بمذهب الأشعرية (2) " وقد حسن الوزير عميد الملك السكندري، وزير السلاجفة للسلطان طغرل بك أن يلعن الأشاعرة من فوق المنابر فلعنوا حتى جاء نظام الملك أبو على الحسن بن على وزير السلاجفة، فأزال لعنهم في سنة 458 هـ وظهر ذلك على نفسية عبد القاهر في مقدمة " دلائل الاعجاز" (3).
1 - أسرار البلاغة: ويبدو فيه الارتباط الوثيق بينه وبين " الوساطة" للقاضي الجرجاني، لأنه بين فيه المعايير النقدية التي على أساسها يتفاضل الشعراء، وقد صنفه فيما نعتقد سنة 422 هـ.
2 - " المختار من دواوين" المتنبي، والبحتري، وأبى تمام" وقد جمع تلك المختارات على ما يبدو - وهو يؤلف أسرار البلاغة؛ لأن أكثر