وقد رأيت - أيضاً - أن أفكار الدلائل قد جاءت مرتبة على حسب ترتيب أفكار مناظرة أبي سعيد السيرافي؛ مما يدل على أن مناظرة أبي سعيد كانت المنطلق الرئيسي لعبد القاهر في الدلائل.
أولاً: أن عبارة (معاني النحو) التي أخذها عبد القاهر الجرجاني من مناظرة أبي سعيد السيرافي، لم ترد على لسان عبد الجبار ولو مرة واحدة في الفصلين اللذين شرح بهما معنى الفصاحة، بينما وردت في (دلائل الإعجاز) ما يقرب من ستين مرة، مما يدل على أن عبد الجبار قد أهملها، ولم يضعها في اعتباره.
ثانياً: أنه لو كان عبد الجبار قد وضع في اعتباره توخي معاني النحو فيما بين الكلم، لشرح ذلك لطائفة المعتزلة، وقد كان إمامهم، ورثهم الذي اعتمدوا على كتبه، بحيث تسحت كتبه كتب من تقدمه من المعتزلة (?)، ولو كان قد اشرح لهم ذلك لما أنكروه وجادلوا فيه، وكثر منهم الجدال والشغب (?).
ثالثاً: أن القاضي عبد الجبار، كان يعتمد في تأويله لكتاب الله تعالى على شيئين رئيسيين هما: العقل واللغة.
ويبدو أن من بين اعتماده على اللغة صحة الإعراب، ولكنه لم يتعد هذا القدر إلى توخي معاني النحو فيما بين الكلم، مما يظهر منه أنه يزهد في