قوله ما بين هذه إلى هذه يشير بذلك إلى أذنيه والمعنى قد ملأت لحيته ذقنه وخديه فكانت من أذنه إلى أذنه.
قال القاري وفي قوله قد ملأت لحيته ما بين هذه إلى هذه إشارة إلى عرضها وفي قوله قد ملأت نحره إشارة إلى طولها.
وقال المناوي في شرح الشمائل قد ملأت لحيته ما بين هذه إلى هذه أي ما بين هذه الأذن وهذه الأذن أي لم تكن خفيفة وقد ملأت نحره أي كانت مسترسلة إلى صدره كثة انتهى.
فتأمل أيها المسلم الناصح لنفسه ما ذكرته من الأحاديث في هذا الفصل وما قبله لتعرف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعر اللحية وما أمر به أمته من إعفائها والبعد عن مشابهة المشركين فإن كنت من الممثلين باللحى فأنت بين أمرين لا بد لك من أحدهما إما أن تقابل هذه الأحاديث بالرضى والتسليم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه فتعفي لحيتك كلها ذقنها وعارضيها وتنتهي عن التمثيل بها.
تفعل ذلك أيها المسلم طاعة لله تعالى وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم واتباعاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو خير الهدي وأكمله.
فإن فعلت هذا رجيت لك الهداية كما قال الله تعالى {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54]، وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158].
ورجي لك أيضاً أن تكون من الذين قال الله تعالى فيهم {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51].