وهذا الذي قاله ابن القيم رحمه الله تعالى من وجوب اتباع السنة واطراح ما خالفها هو الحق الذي لا ريب فيه لقول الله تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، الآية ولقوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، الآية وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضب الشعر بالصفرة أو بالدهمة أو بالحمرة ونهى أن يخضب بالسواد فوجب امتثال أمره واجتناب نهيه وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد وقال ابن عباس رضي الله عنهما يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر.
وإذا كان هذا قول ابن عباس رضي الله عنهما لمن خالف السنة بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فكيف بمن عارضها بقول غيرهما فالله المستعان وعلى تقدير ثبوت ما روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم من الخضاب بالسواد فهو محمول على أنه لم يبلغهم النهي عنه والتغليظ فيه ولو بلغهم ذلك لما خضبوا به وحاشاهم أن يخالفوا أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم أو يرتكبوا نهيه وهم يعلمون.
وهذا هو المعروف عنهم واللائق بهم فإنهم كانوا خير هذه الأمة وأتقاها وأعظمها طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وأشدها حرصاً على متابعة السنة والبعد عما خالفها.