شاربه. وعلى تقدير ثبوت ذلك عنه فليس في فتله لشاربه دليل على إعفائه له فقد رأينا بعض الناس يفتلون شواربهم في حال الغضب أو غلبة الفكر عليهم وهي مع ذلك مقصوصة على وفق السنة. وفتلهم لها إنما هو الأخذ بأطراف الشعر وفركه على هيئة الفتل. وفعل عمر رضي الله عنه كان على هذا النحو لا أنه كان يعفي شاربه فإن ذلك مخالف للسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان عمر رضي الله عنه من أتبع الناس للسنة وأبعدهم عن مخالفتها. وأيضاً فإنه مخالف لما صح عن عمر رضي الله عنه من هجره للرجل المعفي لشاربه كما تقدم ذكره. ولم يكن عمر رضي الله عنه ليهجر على شيء وهو يفعل مثله.

وفي معنى ما روي عن عمر رضي الله عنه من فتل شاربه ما رواه مالك في موطئه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته - فذكر الحديث في نوم النبي صلى الله عليه وسلم واستيقاظه وضوئه وقيامه يصلي قال ابن عباس رضي الله عنهما فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها.

وذكر تمام الحديث وقد رواه الشافعي وأحمد في مسنديهما والشيخان في صحيحيهما وأهل السنن إلا الترمذي كلهم من طريق مالك. ففتل الشارب المقصوص مثل فتل الأذن سواء. كل ذلك بالفرك واللي لا الفتل حقيقة والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015