يُحِبهُ ويرضاه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَالله أعلم
قَوْله تَعَالَى {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
فِيهِ قراءتان مشهورتان النصب والخفض
فَمن قَرَأَ بِالنّصب فَإِنَّهُ مَعْطُوف على الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ وَالْمعْنَى فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ وامسحوا برؤوسكم
وَمن قَرَأَ بالخفض فَلَيْسَ مَعْنَاهُ وامسحوا أَرْجُلكُم كَمَا يَظُنّهُ بعض النَّاس لأوجه
أَحدهَا أَن الَّذين قرؤوا ذَلِك من السّلف قَالُوا عَاد الْأَمر إِلَى الْغسْل
الثَّانِي أَنه لَو كَانَ عطفا على الرؤوس لَكَانَ الْمَأْمُور بِهِ مسح الأرجل لَا الْمسْح بهَا وَالله إِنَّمَا أَمر فِي الْوضُوء وَالتَّيَمُّم بِالْمَسْحِ بالعضو لَا مسح الْعُضْو فَقَالَ تَعَالَى {وامسحوا برؤوسكم} وَقَالَ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} وَلم يقْرَأ الْقُرَّاء المعروفون فِي آيَة التَّيَمُّم وَأَيْدِيكُمْ بِالنّصب كَمَا قرؤوا فِي آيَة الْوضُوء فَلَو كَانَ عطفا لَكَانَ الموضعان سَوَاء وَذَلِكَ أَن قَوْله {وامسحوا برؤوسكم} وَقَوله {فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ} يقضتي إلصاق الْمَمْسُوح لِأَن الْبَاء للإلصاق وَهَذَا يَقْتَضِي إِيصَال المَاء والصعيد إِلَى أَعْضَاء الطَّهَارَة وَإِذا قيل امسح رَأسك ورجلك لم يقتض إِيصَال المَاء إِلَى الْعُضْو وَهَذَا يبين أَن لباء حرف جَاءَ لِمَعْنى لَا زَائِدَة كَمَا يَظُنّهُ بعض النَّاس وَهَذَا خلاف قَوْله
معاوى إننا بشر فَأَسْجِحْ فلسنا بالجبال وَلَا الحديدا فَإِن الْبَاء هُنَا مُؤَكدَة فَلَو حذفت لم يخْتل الْمَعْنى وَالْبَاء فِي آيَة الطَّهَارَة إِذا حذفت اخْتَلَّ الْمَعْنى فَلم يجز أَن يكون الْعَطف على مَحل الْمَجْرُور بهَا بل على لفظ الْمَجْرُور بهَا أَو على مَا قبله
الثَّالِث أَنه لَو كَانَ عطفا على الْمحل لقرىء فِي آيَة التَّيَمُّم {فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} فَكَانَ فِي الْآيَة مَا يبين فَسَاد مَذْهَب الشَّارِح بِأَنَّهُ قد دلّت عَلَيْهِ {فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}