أَبيض وَلَا لأبيض على أسود إِلَّا بالتقوى النَّاس من آدم وآدَم من تُرَاب وَلِهَذَا لَيْسَ فِي كتاب الله آيَة وَاحِدَة يمدح فِيهَا أحدا بنسبه وَلَا يذم أحدا بنسبه وَإِنَّمَا يمدح الْإِيمَان وَالتَّقوى ويذم الْكفْر والفسوق والعصيان
وَقد ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّحِيح أَنه قَالَ
أَربع من أَمر الْجَاهِلِيَّة فِي أمتِي لن يدعوهن الْفَخر بِالْأَحْسَابِ والطعن فِي الْأَنْسَاب والنياحة وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم فَجعل الْفَخر بِالْأَحْسَابِ من أمول الْجَاهِلِيَّة فَإِذا كَانَ الْمُسلم لَا فَخر لَهُ على الْمُسلم بِكَوْن أجداده لَهُم حسب شرِيف فَكيف يكون لكَافِر من أهل الْكتاب فَخر على كَافِر من أهل الْكتاب بِكَوْن أجداده كَانُوا مُؤمنين وَإِذا لم تكن مَعَ التَّمَاثُل فِي الدّين فَضِيلَة لأجل النّسَب علم أَنه لأَفْضَل لمن كَانَ من الْيَهُود وَالنَّصَارَى آباؤه مُؤمنين مُتَمَسِّكِينَ بِالْكتاب الأول قبل النّسخ والتبديل على من كَانَ أَبوهُ دَاخِلا فِيهِ بعد النّسخ والتبديل وَإِذا تماثل دينهما تماثل حكمهمَا فِي الدّين والشريعة إِنَّمَا علقت بِالنّسَبِ أحكاما مثل كَون الْخلَافَة من قُرَيْش وَكَون ذَوي الْقُرْبَى لَهُم الْخمس وَتَحْرِيم الصَّدَقَة على آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَحْو ذَلِك لِأَن النّسَب الْفَاضِل مَظَنَّة أَن يكون أَهله أفضل من غَيرهم كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
النَّاس معادن كمعادن الذَّهَب وَالْفِضَّة خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا والمظنة تعلق الحكم بِمَا إِذا خفيت الْحَقِيقَة أَو انتشرت فَأَما إِذا ظهر دين الرجل الَّذِي بِهِ تتَعَلَّق الْأَحْكَام وَعرف نوع دينه وَقدره لم يتَعَلَّق بنسبه الْأَحْكَام الدِّينِيَّة وَلِهَذَا لم يكن لأبي لَهب مزية على غَيره لما عرف كفره كَانَ أَحَق بالذم من غَيره وَلِهَذَا جعل لمن يَأْتِي بِفَاحِشَة من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضعفين من الْعَذَاب كَمَا جعل لمن يقنت مِنْهُنَّ لله وَرَسُوله أَجْرَيْنِ من الثَّوَاب
فذووا الْأَنْسَاب الفاضلة إِذا أساؤوا كَانَ إساءتهم أغْلظ من إساءة غَيرهم وعقوبتهم أَشد عُقُوبَة من غَيرهم فَكفر من كفر من بني إِسْرَائِيل إِن لم يكن أَشد من كفر غَيرهم وعقوبتهم أَشد عُقُوبَة من غَيرهم فَلَا أقل من الْمُسَاوَاة بَينهم وَلِهَذَا لم يقل أحد من الْعلمَاء أَن من كفر وَفسق من قُرَيْش وَالْعرب تخفف عَنهُ الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا أَو فِي الْآخِرَة بل إِمَّا أَن تكون عقوبتهم أَشد عُقُوبَة من غَيرهم فِي أشهر الْقَوْلَيْنِ أَو تكون عقوبتهم أغْلظ فِي القَوْل الآخر لِأَن من أكْرمه بنعمته وَرفع قدره إِذا قَابل حُقُوقه بِالْمَعَاصِي وقابل نعمه بالْكفْر كَانَ أَحَق بالعقوبة مِمَّن لم ينعم عَلَيْهِ كَمَا أنعم عَلَيْهِ