قال النووي مشيراً إلى ذلك:
" وإنما يكمل له الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه، والأصوليون الغواصون على المعاني" (?) .
وقال صاحب توجيه النظر:
" ومبحث التعارض والترجيح من أهم مباحث أصول الفقه وأصعبها، وقد أطلق العلماء في ميدانه الفسيح الأرجاء أعنة أقلامهم، فمن أراد الاستيفاء فعليه بالكتب المبسوطة فيه، غير أنه ينبغي له أن يختار منها الكتب التي لأربابها براعة في نحو الأصول" (?) .
لذا رأيتُ أن أذكر من تعاريف الأصوليين ما يتضح به معنى التعارض، وسأكتفي بإيراد أشملها، وأقلها من حيث الاعتراض عليها، وهو تعريف الإسنوي، حيث قال:
" التعارض بين الأمرين هو تقابلهما على وجه يمنع كل منهما مقتضى صاحبه" (?) .
قوله: "تقابل" جنس في التعريف يشمل كل تقابل، سواء أكان بين دليلين أم غيرهما، كتقابل شخص مع شخص.
والمراد بالتقابل هنا: هو أن يدل كل من الدليلين على منافي ما يدل عليه الآخر، وذلك كأن يدل أحدهما على الإيجاب والآخر على التحريم مثلاً.
قوله: "على وجه يمنع.....إلخ" قيد خرج به تقابل الدليلين على وجه لا يمنع ذلك، كأن يتقابل دليل مع دليل يفيد كل منهما ما يفيده الآخر ولا تتوافر فيهما شروط التعارض، وعليه فيكون كل منهما مؤكداً للآخر" (?) .
ذكر الإمام الشافعي -رحمه الله- بعض الأسباب التي من أجلها يتوهم التعارض بين الأحاديث، كما ذكر غيرُه أسباباً أخرى أضافها إلى ما ذكره الشافعي، منها: