10- أن يكون أحد الحديثين سمعه الراوي من مشائخ بلده، والثاني سمعه من الغرباء فيرجح الأول لأن أهل كل ... بلد لهم اصطلاح في كيفية الأخذ من التشدد والتساهل وغير ذلك، والشخص أعرف باصطلاح أهل بلده، ولذلك اعتبر أئمة النقل حديث إسماعيل بن عياش فما وجدوه من الشاميين احتجوا به، وما كان من الحجازيين والكوفيين وغيرهم لم يلتفتوا إليه لما يوجد في حديثه من النكارة إذا رواه عن الغرباء.

11- أن يكون أحد الحديثين له مخارج عدة، والحديث الثاني لا يعرف له سوى مخرج واحد وإن كان قد رواه نفر ذو عدد، فيكون المصير إلى الأول أولى لأن الحكم الواحد إذا عمل به في بلدان شتى يكون أقوى من الحكم المعمول به في بلد واحد، وإن كان عدد هؤلاء أكثر.

12- أن يكون أحد الحديثين منسوباً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- نصاً وقولاً، والآخر ينسب إليه استدلالاً واجتهاداً، فيكون الأول مرجحاً نحو ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهَى عَن بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَقَالَ: لَا يبعن وَلَا يوهبن وَلَا يورثن، يسْتَمْتع بهَا سَيِّدهَا مَا بدا له، فَإِذا مَاتَ فَهِيَ حرَّة " (?) .

فهذا أولى بالعمل من الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: "كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" (?) ، لأن حديث ابن عمر قوله صلى الله عليه وسلم ولا خلاف في كونه حجة، وحديث أبي سعيد ليس فيه تنصيص منه صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أن من كان يرى هذا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وكان ذلك اجتهاداً منه، فكان تقديم ما نسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- نصاً أولى.

وأكتفي بذلك منعاً للإطالة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015