وعلى هذا فإنه يمكن أن يقال إن المستحاضة يجب عليها الوضوء لكل صلاة، ويستحب لها الغسل لكل صلاتين جمعا بين الأحاديث. ... والله أعلم.
الباب السابع:
التيمم.
وفيه مبحث:
صفة التيمم.
لقد أمر الدين الإسلامي بالتيسير والتخفيف ونبذ التشديد والتعسير، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه" (?) ، ومن مظاهر هذا التيسير والتخفيف وجود الرخص فيه.
والرخص هي تخفيف من الله سبحانه وتعالى، حيث كلف عباده بأحكام قد تشق عليهم في أحوال معينة، فراعى هذه المشقة، ولم يرد لعباده العنت، فرخص لهم بأن غيّر التكليف بالأمر بشيء من التحول إلى ما هو أخف منه، وذلك لأسباب معينة عينها الشارع الحكيم سبحانه.
وأمثلة ذلك في الدين الإسلامي كثيرة.
فمثلا: أمر الله سبحانه بصوم رمضان ثم راعى عنت المريض والمسافر، فرخص لهما الفطر، وقبل منهما قضاء ما أفطراه في أي يوم بعد زوال العذر.
وكذا أمر الله عباده بغسل الرجلين في الوضوء، ورخص لهم بالمسح على الخفين في حالة لبس الخف.
وكذا أمرهم بإتمام الصلاة الرباعية ورخص لهم بالقصر في السفر، وهكذا تكاليف الإسلام تتسم بالسهولة واليسر.
ومن تلك الرخص التي امتن الله بها على عباده التيمم، فإنه سبحانه وتعالى أمر عباده بالوضوء والغسل، فلما شق عليهم بسبب عدم وجود الماء أو بسبب المرض رخص لهم بالتيمم وهو التطهر بالتراب.
ولكن اختلف العلماء في صفة التيمم، وذلك لتعارض بعض الأحاديث، فمنها ما يفيد أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين، وهو حديث عمار بن ياسر "إنما يكفيك هكذا، فضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفيه الأرض، ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه".