المبحث الثاني:
المستحاضة ترد إلى العادة أو إلى التمييز.
وفي هذا الباب مسألة تحير فيها كثير من العلماء فضلا عن الطلبة الباحثين، فجاءت أحكام متشعبة، وتعددت المسائل بما لم يتفق الفقهاء فيها على حكم، فأصبح نيل الجواب على هذه المسألة عسيرا جدا، بل لا سبيل لمعرفة جواب صحيح إلا بالنظر في سبب هذا الخلاف ودراسته والوقوف على آراء العلماء المجتهدين الذين جمعوا الأحاديث في هذه المسألة ودرسوها، وعرفوا وجه دلالتها، فنفوا التعارض عنها، وجمعوا بين مختلفها، فأزالوا إشكالها، فهي تبدو للقارئ متعارضة مختلفة، فمنها ما يقضي بأن الواجب على المستحاضة الرجوع إلى عادتها إذا زاد الدم عن مدة الحيض المعتادة، ومنها ما يقضي بأن الواجب على المستحاضة الرجوع إلى العمل بصفة الدم.
فأما ما يقضي بالرجوع إلى العادة فأحاديث، منها:
ما ورد عن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: لا، إن ذلك عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغسلي وصلي.
وأما ما يقضي بالرجوع إلى العمل بصفة الدم فحديث فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي".
ذكر ما استدل به على أن المستحاضة إذا كانت لها أيام معروفة ردت إلى أيامها: