ومن يقرأ حديث صفة غسل النبي –صلى الله عليه وسلم- الأخرى، وفيها:
"يأخذ ثلاثة أكف ويفيضها على رأسه" يجد أن هذا الحديث يدل على عدم وجوب تخليل الشعر، لأن ثلاثة أكف لا تكفي لوصول الماء إلى جميع أصول الشعر، ومع ما علم من غزارة شعره –صلى الله عليه وسلم- وكثافته.
وكذلك من يقرأ حديث أم سلمة، وفيه الترخيص لها في عدم نقض الشعر والاكتفاء بثلاث حثيات من الماء، يجد أنه لا يجب إيصال الماء إلى جميع أصول الشعر، لا سيما إذا كان الشعر معقوصا.
وهذه معان تختلف ولا تتفق، لذا تكلم العلماء فيها، وإليك أقوالهم في درء تعارضها.
أقوال العلماء في درء التعارض:
1- ذهب ابن الجوزي إلى أنه لا يجب دلك الرأس، وإنما يجب إيصال الماء إليه، وأجاب عن أحاديث الإيجاب بقوله "هذه الأحاديث محمولة على من يمنع شعره الماء أن يصل إلى جلده" (?) .
وقال ابن عبد الهادي: "الجواب أن أكثر ما في هذه الأحاديث إيجاب وصول الماء إلى جميع البشرة والشعر، ونحن نقول به، وإذا لم يمكن ذلك إلا بالدلك في حق من رأسه متلبدا كثيرا، فإنه يجب عليه، وغالب الناس ليسوا كذلك" (?) .
2- قال ابن حجر في التخليل الوارد في حديث عائشة –رضي الله عنها- "ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره": هذا التخليل غير واجب اتفاقاً إلا إن كان الشعر ملبداً يحول بين الماء وبين الوصول إلى أصوله" (?) . وجعل كلمة "يفيض" دلالة على عدم الإيجاب فقال: "واستدل به من لم يشترط الدلك وهو ظاهر" (?) .