عن ابن عباس قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غَسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إِذَا غَسَّلْتُمُوهُ، فإِنَّ مَيِّتَكُمْ لَيْسَ بِنَجِسٍ فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ. " (?) .

وجه التعارض:

إن من يقرأ حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- يجده يدل على أنه يجب الغسل من تغسيل الميت، وذلك أن النبي –صلى الله صلى وسلم- قال: "فليغتسل" بصيغة الأمر، والأمر يقتضي الوجوب.

ومن يقرأ حديث ابن عباس –رضي الله عنه- يجده يدل على نفي الوجوب، وذلك صريح من قوله" ليس عليكم في غسل ميتكم غسل" فدل ذلك على أن الحديثين متعارضان أحدهما يدل على الوجوب، والآخر يدل على نفي الوجوب، فوجب النظر في كيفية التوفيق بين هذه الأحاديث ورد التعارض عنها. وقد تكلم العلماء في هذا.

أقوال العلماء في درء التعارض:

1- درأ ابن حزم التعارض في هذه المسألة بأن أثبت حديث الإيجاب، ولم يثبت في الرخصة شيئا. أما حديث ابن عباس الذي ذكرته في الباب من رواية الحاكم، فإنه لم يورده أصلاً (?) . وبذلك يكون ابن حزم درأ التعارض بالترجيح لأحاديث الإيجاب.

2- استحب الشافعي الغسل من غسل الميت ولم يوجبه، فإنه ضعف حديث أبي هريرة. قال المزني: هذا الغسل ليس بمشروع، وكذا الوضوء من مس الميت وحمله لأنه لا يصح فيهما شيء. قال في المختصر: وقد أجمعوا أن من مس حريرا أو ميتة ليس عليه وضوء ولا غسل، فالمؤمن أولى. قال النووي: هذا كلام المزني، وهو قوي (?) .

وقد خالف المزني الشافعي بقوله إن هذا الغسل ليس مشروعا.

3- ذهب ابن قدامة من الحنابلة إلى أنه لا يجب من غسل الميت غسل ولا وضوء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015