فهذا ابن عباس -رضي الله عنه- يخبر أن ذلك الأمر الذي كان من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالغسل لم يكن للوجوب عليهم، وإنما كان لعلة ثم ذهبت تلك العلة فذهب الغسل (?) ، وهو أحد من روى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بالغسل وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- في ذلك شيء.

ثم ذكر ما يدل على ذلك عن عائشة -رضي الله عنها- بسنده قالت: كان الناس عمال أنفسهم فيروحون بهيئاتهم فقال صلى الله عليه وسلم: "لو اغتسلتم".

فهذه عائشة -رضي الله عنها- تخبر بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما كان ندبهم إلى الغسل، للعلة التي أخبر بها ابن عباس -رضي الله عنهما- وأنه لم يجعل ذلك عليهم حتما، وهي أحد من روينا عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالغسل في ذلك اليوم.

ثم أورد عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- ما يدل على أن ذلك لم يقع عنده موقع الفرض.

ثم ذكر بسنده ما تقدم من خطبة عمر بألفاظ متعددة متقاربة، ثم قال:"ففي هذه الآثار غير معنى ينفي وجوب الغسل.

أما أحدهما فإن عثمان لم يغتسل واكتفى بالوضوء، وقد قال عمر: قد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمرنا بالغسل.

ولم يأمره عمر أيضا بالرجوع لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إياه بالغسل.

ففي ذلك دليل على أن الغسل الذي كان أمر به لم يكن –عندهما- على الوجوب، وإنما كان لعلة ما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- وعائشة -رضي الله عنها- أو لغير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015