وقد عارض الحديثين السابقين وما في معناهما من الأحاديث حديثا أنس وعائشة -رضي الله عنهما-.

فعن أنس -رضي الله عنه-:

(سَافَرْنَا مع رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم فَمِنَّا الصائمُ ومنا المُفْطِرُ فلم يَعِبِ الصائمُ عَلَى المُفْطر وَلاَ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ) (?) .

وعن عائشة -رضي الله عنها- (إِنَّ حَمْزَةَ قَالَ لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصُومُ فِي السَّفَرِ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ) (?) .

فهذه الأحاديث تتعارض في ظاهرها مع الأحاديث السابقة، ووجه الجمع بينهما أن يقال: إن الفطر في السفر رخصة وهي لمن يمرض أو يجهد، وإنما وقع التعارض لما لم يسق كعب بن عاصم جميع الحديث وإنما ساق حرفاً منه، وقد ساقه جابر -رضي الله عنه- مفسراً فقال:

(كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زمان غزوة تبوك، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسير بعد أن أضحى، إذا هو بجماعة في ظل شجرة، فقال: من هذه الجماعة؟ قالوا: رجل صائم أجهده الصوم، أو كلمة نحو هذه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس من البر أن تصوموا في السفر) (?) .

فاحتمل: ليس من البر أن يبلغ هذا رجل بنفسه في فريضة صوم ولا نافلة وقد أرخص الله له وهو صحيح أن يفطر.

ويحتمل ليس من البر المفروض الذي من خالفه أثم.

فكعب بن عاصم ساق حرفاً من الحديث، وجابر ساق الحديث بتمامه، فتبين سبب الحديث وبقي القادر على الصيام الذي لا يجهد بذلك على الرخصة إن شاء صام وإن شاء أفطر (?) .

3- عدم إدراك الراوي لاختلاف الحال:

مثاله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015