بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْأَعْرَافِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ.

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَسْأَلُ جَمِيعَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [15 \ 92 - 93] ، وَقَوْلُهُ: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [37 \ 24] ، وَقَوْلُهُ: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [28 \ 65] .

وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ [55 \ 39] ، وَكَقَوْلِهِ: وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ [28 \ 78] .

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَوْجَهُهَا لِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ السُّؤَالَ قِسْمَانِ:

سُؤَالُ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيعٍ وَأَدَاتُهُ غَالِبًا: لِمَ، وَسُؤَالُ اسْتِخْبَارٍ وَاسْتِعْلَامٍ وَأَدَاتُهُ غَالِبًا: هَلْ، فَالْمُثْبَتُ هُوَ سُؤَالُ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ، وَالْمَنْفِيُّ هُوَ سُؤَالُ الِاسْتِخْبَارِ وَالِاسْتِعْلَامِ، وَجْهُ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا أَنَّ سُؤَالَهُ لَهُمُ الْمَنْصُوصُ فِي كُلِّهِ تَوْبِيخٌ وَتَقْرِيعٌ كَقَوْلِهِ: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ [37 24 - 25] ، وَقَوْلِهِ: أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ [52 \ 15] ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ [39 \ 71] ، وَكَقَوْلِهِ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ [67 \ 8] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَسُؤَالُ اللَّهِ لِلرُّسُلِ: مَاذَا أُجِبْتُمْ [5 \ 109] لِتَوْبِيخِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُمْ كَسُؤَالِ الْمَوْءُودَةِ: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [81 \ 9] لِتَوْبِيخِ قَاتِلِهَا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ فِي الْقِيَامَةِ مَوَاقِفَ مُتَعَدِّدَةً، فَفِي بَعْضِهَا يَسْأَلُونَ، وَفِي بَعْضِهَا لَا يَسْأَلُونَ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْحَلِيمِيُّ مِنْ أَنَّ إِثْبَاتَ السُّؤَالِ مَحْمُولٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015