وَقَوْلُ الشَّاعِرِ وَهُوَ أَشْهَبُ بْنُ رُمَيْلَةَ، وَأَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ لِإِطْلَاقِ الَّذِي وَإِرَادَةِ الَّذِينَ:

وَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ ... هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدٍ

وَزَعَمَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ أَنَّ لَفْظَةَ الَّذِي فِي بَيْتِ أَشْهَبَ جَمْعٌ أَلْذٍ بِالسُّكُونِ، وَأَنْ «الَّذِي» فِي الْآيَةِ مُفْرَدٌ أُرِيدَ بِهِ الْجَمْعُ، وَكَلَامُ سِيبَوَيْهِ يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ عُدَيْلِ بْنِ الْفَرْخِ الْعِجْلِيِّ:

وَبِتُّ أُسَاقِي الْقَوْمَ إِخْوَتِيَ الَّذِي ... غَوَايَتُهُمْ غَيِّي وَرُشْدُهُمُ رُشْدِي

وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُسْتَوْقِدُ وَاحِدٌ لِجَمَاعَةٍ مَعَهُ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ يَدُلُّ ظَاهِرُهَا عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَسْمَعُونَ، وَلَا يَتَكَلَّمُونَ، وَلَا يُبْصِرُونَ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ [2 \ 20] .

وَكَقَوْلِهِ: وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ الْآيَةَ [63 \ 4] ، أَيْ لِفَصَاحَتِهِمْ وَحَلَاوَةِ أَلْسِنَتِهِمْ.

وَقَوْلِهِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ [33 \ 19] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ بُكْمٌ عَنِ النُّطْقِ بِالْحَقِّ، وَإِنْ تَكَلَّمُوا بِغَيْرِهِ، صُمٌّ عَنْ سَمَاعِ الْحَقِّ وَإِنْ سَمِعُوا غَيْرَهُ، عُمْيٌ عَنْ رُؤْيَةِ الْحَقِّ وَإِنَّ رَأَوْا غَيْرَهُ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى هَذَا الْجَمْعَ بِقَوْلِهِ: وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً الْآيَةَ [46 \ 26] ، لِأَنَّ مَا لَا يُغْنِي شَيْئًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ، وَالْعَرَبُ رُبَّمَا أَطْلَقَتِ الصَّمَمَ عَلَى السَّمَاعِ الَّذِي لَا أَثَرَ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ قَعْنَبِ بْنِ أُمِّ صَاحِبٍ:

صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ ... وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا

وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَصَمُّ عَنِ الْأَمْرِ الَّذِي لَا أُرِيدُهُ ... وَأُسْمِعُ خَلْقَ اللَّهِ حِينَ أُرِيدُ

وَقَوْلُ الْآخَرَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015