مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ نِسْيَانًا مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ خِلَافَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ.
مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَبَاحِثِ
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا ذَبَحَهُ أُهْلُ الْكِتَابِ لِصَنَمٍ، وَبَيْنَ مَا ذَبَحُوهُ لِعِيسَى أَوْ جِبْرِيلَ، أَوْ لِكَنَائِسِهِمْ، قَائِلِينَ: إِنَّ الْأَوَّلَ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ دُونَ الثَّانِي عِنْدَهُمْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [5 3] .
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِمُقَيِّدِهِ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَاطِلٌ بِشَهَادَةِ الْقُرْآنِ لِأَنَّ الذَّبِيحَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ عِبَادَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [108] .
وَقَالَ تَعَالَى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ الْآيَةَ [6 162] .
فَمَنْ صَرَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ جَعَلَهُ شَرِيكًا مَعَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ الذَّبْحُ، سَوَاءٌ كَانَ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا أَوْ بِنَاءً أَوْ شَجَرًا أَوْ حَجَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَالِحٍ وَطَالِحٍ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا [3 \ 80] .
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ كَافِرٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [3 \ 80] .
وَقَالَ تَعَالَى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ الْآيَةَ [3 \ 79] .
وَقَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ الْآيَةَ [3 64] ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رَخَّصَ فِي أَكْلِ مَا ذَبَحُوهُ لِكَنَائِسِهِمْ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَالْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ وَحَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ وَأَبُو سَلَمَةَ الْخَوْلَانِيُّ وَعُمَرُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَمَكْحُولٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ،