بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْمَائِدَةِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ بِعُمُومِهَا عَلَى إِبَاحَةِ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ مُطْلَقًا وَلَوْ سَمَّوْا عَلَيْهَا غَيْرَ اللَّهِ أَوْ سَكَتُوا وَلَمْ يُسَمُّوا اللَّهَ وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّ الْكُلَّ دَاخِلٌ فِي طَعَامِهِمْ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو أُمَامَةَ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ وَالْحُسْنُ وَمَكْحُولٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِطَعَامِهِمْ ذَبَائِحُهُمْ.

كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَقَلَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَدُخُولُ ذَبَائِحِهِمْ فِي طَعَامِهِمْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مَعَ أَنَّهُ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا سُمِّيَ عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ، وَعَلَى أَنَّ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ أَيْضًا.

أَمَّا الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مَنْعِ أَكْلِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ، فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ [2 \ 173] فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» .

وَقَوْلِهِ: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [5 3] فِي الْمَائِدَةِ، وَالنَّحْلِ [16 \ 15] .

وَقَوْلِهِ فِي «الْأَنْعَامِ» : أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [6 145] .

وَالْمُرَادُ بِالْإِهْلَالِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِاسْمِ غَيْرِ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ.

وَأَمَّا الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مَنْعِ أَكْلِ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكَقَوْلِهِ: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْآيَةَ [6 121] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [6 \ 118 - 119] ، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْأَكْلِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ مِثْلِ هَذَا مُشْتَمِلٌ عَلَى مَبْحَثَيْنِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015