بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مُحْكَمًا وَمِنْهُ مُتَشَابِهًا.

وَقَدْ جَاءَتْ آيَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّهُ مُحْكَمٌ وَآيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّهُ مُتَشَابِهٌ، أَمَّا الَّتِي تَدُلُّ عَلَى إِحْكَامِهِ كُلِّهِ فَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [11 \ 1] ، وَأَمَّا الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّهُ مُتَشَابِهٌ فَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ [39 \ 23] ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ كُلِّهِ مُحْكَمًا، أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْإِحْكَامِ أَيِ الْإِتْقَانِ فِي أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ وَإِعْجَازِهِ، أَخْبَارُهُ صِدْقٌ وَأَحْكَامُهُ عَدْلٌ، لَا تَعْتَرِيهِ وَصْمَةٌ وَلَا عَيْبٌ، لَا فِي الْأَلْفَاظِ وَلَا فِي الْمَعَانِي.

وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُتَشَابِهًا، أَنَّ آيَاتِهِ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْحُسْنِ وَالصِّدْقِ، وَالْإِعْجَازِ وَالسَّلَامَةِ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ، وَمَعْنَى كَوْنِ بَعْضِهِ مُحْكَمًا وَبَعْضِهِ مُتَشَابِهًا، أَنَّ الْمُحْكَمَ مِنْهُ هُوَ وَاضِحُ الْمَعْنَى لِكُلِّ النَّاسِ كَقَوْلِهِ: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا [17] ، وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [17 \ 39] .

وَالْمُتَشَابِهُ هُوَ مَا خَفِيَ عَلِمُهُ عَلَى غَيْرِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [3 \ 7] ، عَاطِفَةٌ أَوْ هُوَ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، كَمَعَانِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ الْآيَةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015